رواية جلاب الهوى (كاملة جميع الفصول) بقلم رضوى جاويش
داخليا وتضرعت روحه في ابتهال بدعاء هز أركانها .. ياااارب ...
همس عفيف بصوت متحشرج ياللاه ابعت لمرتك وعيالك من عند الحريم .. وباذن الله اول ما الدنيا تظبط هنرچع نبنوا بيتك والبيوت اللي خدها السيل احسن م الاول .. و ربنا ما يغرب حد عن داره ..
هتف مناع بتضرع امين يا عفيف بيه .. امين ويريح جلبك ويرزجك محبة خلجه كمان وكمان..
طرق نديم باب شقة زينب لتفتح امها هاتفة اتفضل يا نديم يا حبيبي ..
هتف نديم في حياء شكرا يا طنط .. بس هي زينب هنا !.. كنت عايزها تغير لناهد ع الچرح ..
كانت تهتف بكلماتها الاخيرة بلهجة واهنة فهى تعلم علم اليقين ان ابنتها لن تخرج من عزلتها التي فرضتها على نفسها منذ رحيل شريف ..
هتف نديم رافضا لااا.. خليها مستريحة يا طنط.. تسلمى ..
هتف نديم طيب تمام .. سلام عليكم ..
هتفت ماجدة وعليكم السلام ..
اغلقت بابها وهى تعلم ان ابنتها لن تستطيع الخروج من غرفتها تلك الليلة وربما لليال عدة قادمة.. فهى تعرفها عز المعرفة وتدرك ان ما حدث في وجود شريف لم يكن هينا عليها .. فتلك الحكاية القديمة تنكأ بداخلها جراحا تحاول مداواتها منذ زمن بجانب انها تستشعر كأم تعلق ابنتها بشريف.. والذي يعد الرجل الاول الذي حرك شيئا بداخلها بعد ذاك الحاډث الذي اعتقدت ان ابنتها فقدت من بعده ومع رحيل ابيها رغبتها في الحياة ..
هم نديم بنزول الدرج هاربا من بقائه مع ناهد بعد اخر موقف بينهما الا انه عاد ليفتح باب شقته ويدلف للداخل من جديد وقد ادرك ان عليه تجاهها واجبا وعليه تحمله مهما كان ذاك الواجب ثقيلا على كاهله.. توجه لغرفة ناهد وطرق بابها في ثبات .. فتح الباب في لامبالاة حاول ادعاءها عندما استمع لصوتها يدعوه للدخول.. كانت عيناه تدور بمحجرها بكل الاتجاهات عدا الوقوع على محياها وهو يهتف مؤكدا بنبرة ثلجية حاول ان يعريها من كل المشاعر وقت التغيير على چرح راسك ودهان رجلك ..
.. انا بجيت كويسة .. و زينب تبقى تغيرهولي..
اكد هاتفا بنفس النبرة زينب نايمة وتعبانة .. جت متأخر من المستشفى .. ومعرفش اذا كان هتقدر تعدى علينا النهاردة و لا لأ ..
اكدت من جديد مش مهم .. انا اصلا بجيت احسن .. ومش محتاچاهم ..
تطلعت اليه وعيناها تتأرجح بهما الدموع ولم تعقب بكلمة.. كانت تعلم انه يتحاشاها منذ المرة الاخيرة التي ظهرت فيها مشاعرهما للعلن .. كان يستيقظ صباحا قبلها بساعات ويخرج لا تعرف الي اين .. لكنها كانت تجد إفطارها معدا على صينية مغطاه بالقرب من فراشها ويعود بأخر النهار منهكا يتناول ما تعده ام زينب من طعام بصحبتها لكنه ابدا لم يتطلع اليها ولو لمرة واحدة كأنما يعاقب نفسه ويعاقبها على لحظة ضعف أفشت دواخله واظهرت اكثر مما كان مفترض ..
تناول هو المطهر ودار حول الفراش صاعدا اياه ودنا منها حتى اصبح قبالتها تقريبا .. رفع رأسها المنكس لتواجهه فطالعته نظرات عينيها الدامعة.. انتفض داخليا لمرأها وظل متخشبا لا يقو على اتيان اي رد فعل امام تلك النظرات الموجعة اللائمة .. لكنه اخيرا ادار رأسها حيث اتجاه اصابتها وبدأ في إزالة الغيار القديم وتطهير الچرح ووضع غيار اخر رغم ان الامر يعد شاقا على نفسه لعدم قدرته على تحمل منظر الډم اوالجروح ..
انتهى واستدار حول الفراش من جديد ممسكا بأنبوب الدهان الخاص بقدمها الذي خف تورمه لحد كبير عن زي قبل الا انها همست ما ان رأته يهم بفتح الأنبوب متتعبش نفسك .. انا اجدر ادهن لنفسي .. تسلم ..
تناولت منه الدهان وهى لا تقو على رفع نظراتها الى محياه مرة اخرى مما دفعه للخروج من الغرفة على عجل كأنما يهرب من احد الوحوش الذي اصبح يتعقبه كظله بصحوه ومنامه ..
ما ان تهل المغارب حتى يسود الظلام الدامس جميع ارجاء النعمانية بعد سقوط برج الكهرباء الذي كان يساعد في تغذيتها بما يلزمها .. اجتمع الرجال بدورهم امام الشونة التي يبيتون فيها ليلهم حول ركوة من ڼار داخل قصعة حديدية وضعوها أمامهم كوسيلة للتدفئة ولصنع أكواب وأكواب من الشاي لطرد برد الليل الأحد من السيف ..
تجمعت النسوة بدورهم بشرفة البيت الكبير السفلية والمطلة على ارض شاسعة حول الدار يحكمها سور متوسط الطول ينتهي بتلك البوابة الحديدية القصيرة نسبيا .. جلسن جميعا وبحجرهن أطفالهن الرضع اما الأكبر سنا فلم يعبأوا ببرودة الجو واندفعوا هنا وهناك ينشرون ضوضاءهم وصخبهم الطفولي ..
هتف زيدان والذي كان احد العاملين بأرض النعماني متسائلا هنعملوا ايه ف المصېبة اللي حلت علينا دي !..
هتف اخر يعني هنعملوا ايه !.. العمل عمل ربنا ..
هتف زيدان موجوعا الدار والزرعة راحوا .. عليه العوض ومنه العوض ..
هتف احد الرجال احمد ربك انك وأهل بيتك بخير .. كله يتعوض بعون الله ..
هتف زيدان شاكرا الحمد لله .. كله خير..
ليستطرد الرجل الاخرمؤكدا وبعدين عفيف بيه جال انه هيعوض الكل من ماله وشونته .. وهايبني البيوت بالطوب للناس كلها بس ع اليمة التانية البعيدة عن الچبل .. ربنا يكرمه يا رب ..
هتف الرجال مؤمنين امين ..
ساد الصمت لبرهة ليهتف احد الرجال من جديد موجها حديثه لرجل كبيربالعمر ليه ناسينا يا عم متجال .. ما تسمعنا حاچة ربنا يرضى عنك ..بدل جعدتنا دي..
هتف عبدالمحسن الشهير بمتقال وهو رجل ناهز الستين من عمره يحمل ربابته اينما ذهب عناي.. هو انا حيلتي الا الجول ..
هتف رجل اخر طب ياللاه .. و لا ربابتك راحت ف السيل يا عم متجال !..
هتف عبدالمحسن مؤكدا وهو ربابته لصدره كمعشوقته لاااه .. أهي .. ده اني اموت وهى تبجى .. مطلعتش م السيل الا بيها .. ومن جبل سابج .. هى اللي طلعت بيها م الدنيا بعد ما العيال راحت والعيال طفشوا على بره ورا اكل عيشهم ..
اهااا ..بتصبرني على حالي ..
هتف احد الرجال مشجعا طب ما تصبرنا معاك على حالنا يا راچل يا طيب ..
دارت أكواب