رواية" هوس من اول نظرة " كامل
الماركات الفرنسية
و ربطات عنقه المرصفة بنظام في الادرج الزجاجية
كانت كلما دخلت لغرفة الملابس تمضي أغلب
وقتها تتأمل ملابسه المرتبة بأناقة بالغة.....
تنهدت بغرور و هي تلتفت نحو باب الحمام
مقررة عدم الاستسلام فلو فعلت ذلك لن
تكون أروى المچنونة...همست و هي ترفع
أنفها بتكبر زائف قائلة بصوت عادي...
عم حنفي اللي في ناصية الشارع...يا بخيل...فاكر
نفسه ابو هشيمة...و أنا بقى ياسمين صبري و حجيبك على جذور رقبتك.....
مصمصت شفتيها و هي تتجه لتفتح ستائر الغرفة
و تبدأ في تنظيمها....إنشغلت في عملها حتى سمعت
بنطال قصير و يضع على كتفيه منشفة كان
ينشف بها شعره...حدق قليلا في أروى التي كانت
ترتب المكان بدقة و مهارة...
تنحنح قليلا قبل أن يسألها...
سمعت إن مامتك جات إمبارح و إنت رفضتي تقابليها....
أجابته و هي تضع الوسائد في مكانها...
ايوا صحيح...
تناول فريد علبة سجائره ليشعل واحدة و يبدأ
قائلا...
و ليه مش عاوزة تقابليها.
أروى بعدم إكتراث...و أقابلها ليه...ما أنا بكلمها في التلفون كل يوم
فرك فريد جبينه بعصبية من إحاباتها المختصرة
لكنه ما لبث أن سألها من جديد بطريقة مرواغة
يجيد إستعمالها بحكم عمله...
مهما كانت الخلافات كبيرة بينكم حتفضل دايما مامتك و من حقها تشوفك...و تطمن عليكي .
وجهها الذي إنقلب فجأة...
بس هي مش جاية عشان تطمن عليا...
هي جاية عشان تطمن على مخطاطاتها إذا
كان نجحت أولا.....
فريد...قصدك جوازنا...
أروى...تؤ...قصدي الفلوس....
فريد پصدمة ليس من مما قالته فهو طبعا
كان على علم تام بأن خالته كان هدفها من هذا الزواح هو ثروته و كذلك تفوذه لكن ما أصابه
إخفاء ذلك بل إعترفت بكل برود و كأنه أمر
عادي.....
رفعت أروى حاجبيها تحدق في ملامحه الجامدة
التي لا تظهر اي تعبير لكنها أضافت مكملة
حديثها...
ما إنت عارف كل حاجة...من الاول.....
وقف من مكانه ثم سار قليلا نحو المائدة
لينحني قليلا ليدهس بقية سيجارته في
التي كانت بجانب سريره...أخرج دفتر
شيكاته ليكتب مبلغا كبيرا من المال ثم
مزق الورقة ووضعها على السرير مقابلا
لها قائلا...
إديها الشيك داه و إساليها لو كانت محتاجة اي حاجة....
توقف عن الحديث عندما شاهد أروى تميل
راسها بطريقة مضحكة و هي ترمقه بنظرات
مصعوقة بينما توسعت عيناها الكبيرتان باستنكار
على لطفه الغريب...
لم يعلق فريد فهو بات واثقا من أن الفتاة مچنونة
رسميا.. أعاد الدفتر و القلم لمكانهما ثم توجه
نحو غرفة ملابسه ليرتدي ثيابه...ثم خرج ليجد
أروى تمسك بالشيك و هي تعيد قراءته للمرة
العشرون بعد الالف....
تمتمت و هي ترفع عينيها من على الورقة...
المبلغ داه كبير اوي و انا عارفة ماما....مش حتبطل
تطلب فلوس....
نطقت بخجل لكنها في ذات الوقت تعلم أن هذه
...معلومة قديمة ففزيد على معرفة بطباع
خالته...
قاطعها...
عارف بس مفيش مشكلة...حعتبر نفسي بتبرع
لجمعية خيرية...
نفخت أروى بضيق و هي ترمي الشيك من يدها
ليقع أرضا ثم إتجهت نحو الباب تريد الخروج لكنه
أوقفها ليتحدث بسخرية مكملا إھانتها و هو يشير لتلك البيجاما التي كانت ترتديها...رايحة فين....مينفعش تخرجي المنظر كده...إنت مش في بيتكوا...
عادت بهدوء لتدلف لغرفة الملابس و هي
تعض شفتيها پقهر على إهاناته التي لاتستطيع
الرد عليها بسبب أنه يقول الحقيقة دائما...
نسيت انها أصبحت من عائلة كبيرة و غنية و لا
ينبغي لا الخروج من غرفتها بهذا المظهر البسيط
كما كانت تفعل في منزل والدها فجميع نساء
هذا القصر تقريبا يتنافسون في عرض أزيائهم
و جمالهم كل يوم...لذلك يجب عليها أن تتعود
على هذه الحياة الجديدة....
أخرجت فستانا باللون الأخضر الداكن من قماش
الدانتيل الثقيل و معه حجاب باللون الأسود
ليعكس جمال بشرتها البيضاء ووجنتيها الورديتين
سمعت صوت الباب الخارجي لتعلم أنه خرج...
عادت نحو غرفة النوم لتجدها خالية و ذلك
الشيك كان مرميا مكانه...حدقت فيه بعينين
مشتعلتين و هي تضغط على أسنانها پغضب
.. إلتقطته حتى تمزقه إلى قطع صغيرة و هي
تتحدث بغل...
ليه في كل مرة بحاول اضحك و أفرفش
و أنسى القرف...اللي انا عايشاه...معاك
مصر تفكرني.. ليه بتحاول في كل نظرة و كل
كلمة و كل نفس تأكدلي إني حشرة ملهاش اي
قيمة...بس ماشي صبرك عليا بس يا إبن
العز و انا حوريك...بنت الشحاتين اللي حضرتك
بتتصدق عليهم من خيرك حتعمل فيك إيه....
لالا...شيل الأفكار دي من دماغك يا بابا مش أنا
اللي حتقعد تحط إيدها على خدها و تعمل فيها
ضحېة و مقهورة و تفضل ټعيط على حظها..لا يا حبيبي....فوق كده و حضر نفسك للي جاي عشان
انا نويت اجرب كل الخطط و الحيل اللي انا
قرأتها في الروايات...
رمت القصاصات من يدها على الأرض ثم
توجهت نحو التسريحة لتأخذ أحد زجاجات العطر
الفاخرة و تفرغ نصفها على فستانها و هي تبتسم
بمكر أنثوي متوعدة لذلك البارد بالإنتقام....
طرق فريد باب جناح شقيقه قبل أن يدير مقبض الباب و يدلف للداخل...
زفر بعدم رضا بعد أن وجد صالح نائما على فراشه
و كأنه لم يفعل شيئا منذ قليل....
سحب الستائر التي كانت تحجب أشعة الشمس
لتنير الغرفة في ثاني كما جعل صالح يتأفف
بانزعاج قائلا...
عاوز إيه عالصبح..
فريد...
و ليك عين تنام...البنت زمانهم مسكوها و جايبنها
على القسم يلا قوم شرف حتهبب فيها إيه
إنتفض صالح من نومه بعد أن تذكر تلك المسكينة
التي طلب من أخيه أن يجعل زملائه يقبضون
عليها بأي تهمة حتى يمنع سفرها بعد أن اخبرته
مروى عن خطتها للهروب منه صباحا...
نظر لأخيه بابتسامة و هو يجيبه...
تمام إسبقني إنت و انا ححصلك .
حرك فريد رأسه هاتفا باستهجان...
هو إنت مش ناوي تعتق البنت دي بقالك سنين
موقف حياتها عشان إنتقام أهبل.
صالح و إكتست ملامحه ڠضب عارم...و انا
كنت عملت فيها إيه....خمس سنين و انا سايبها
عايشة حياتها بهدوء دلوقتي بس حبدأ آخذ حقي
مني و إلا نسيت هي عملت فيا إيه زمان .
فريد...
لا منسيتش و منسيتش كمان إن إنت مكنتش
سايبها في حالها و كنت بتتحكم في حياتها بس من
بعيد....
صالح بنرفزة...
يوووه إنت جاي تحاسبني يا فريد و إلا عاوز تذلني
عشان مساعدتك ليا....
فريد ببرود يريد إنهاء هذا النقاش العقيم مع
شقيقه العنيد...
انا رايح القسم...متتأخرش..
قفز صالح من فراشه و هو يتابع خروج شقيقه
من باب الجناح...ليتجه مسرعا نحو خزانته ليخرج
ملابسه و يسارع في إرتدائها ثم يغادر على عجل
ليلتحق بفريد.....
قبل ساعة..
نزلت يارا من سيارة الأجرى ثم تابعت خطواتها
نحو داخل المطار و هي تقبض على حقيبتها التي
تحتوي على أوراقها الرسمية و بعض النقود...
لم تأخذ أي شيئ معها فما أرادته هو فقط الخروج من البلاد و الهرب من صالح....
أسرعت نحو الموظف المسؤول عن إجراءات السفر
لتقدم له أوراقها...تفحصها بريبة و هو ينقل بصره بينها و بين جواز سفرها قبل أن يشير نحو أحد
رجال الأمن الذي همس له بصوت خاڤت ببعض
الكلمات مما آثار خوف يارا التي إبتلعت ريقها بصعوبة و هي تلاحظ نظراتهما المسلطة عليها....
تكلم الموظف محاولا عدم إثارة قلقها أكثر...
آنسة يارا...للأسف مش حتقدري تسافري
النهاردة..إتفضلي معانا و إحنا حنشرحلك
أكثر.....
يارا برفض...
أتفضل معاكوا فين
تدخل الظابط بهدوء و هو يشير لها بيده نحو
إتجاه معين...
حضرتك إتفضلي للمكتب جوا.. ساهر بيه حيشرحلك كل حاجة..
يارا بعصبية و قد تأكدت من وجود خطب ما...
انا مش رايحة معاك لأي مكان انا لازم أسافر
دلوقتي حالا...
الرجل...
يا آنسة...لو سمحتي تعالي معايا بهدوء و بلاش
شوشرة حضرتك في أوامر بمنعك من السفر...
إتفضلي...
سار أمامها و هو يمسك في يده جواز سفرها الذي
أخذه من الموظف منذ قليل لتتبعه يارا بقلة
حيلة...و هي تلتفت حولها مخافة ان تجد صالح
او احد رجاله...عندها ستكون نهايتها.
دلفت المصعد مع ذلك الأمني و هي تدعو
بداخلها ان يكون ما تفكر به غير صحيح...و ما إن فتح باب المصعد حتى اكملت طريقها بخطوات
مرتبكة حتى توقف أمام أحد الأبواب الكببرة...فتح الباب و أشار لها بالدخول ثم غادر....لتكمل هي
سيرها إلى داخل المكتب و صوت دقات قلبها تنافس أصوات طرقات حذائها...
رحب بها ساهر و هو مدير أمن المطار و صديق
فريد...و الذي اوصاه بعدم الإساءة إليها .
إتفضلي يا آنسة يارا .
دعاها للجلوس ثم تحدث بلهحة جدية و هو يقرأ معلوماتها الشخصية التي كانت أمامه...
جلست يارا بعد أن شكرته و هي لازالت مذهولة
مما يجري أما بداخلها فكانت لا تنفك تدعو أن
لا يكون له علاقة بصالح....
تكلمت بصعوبة و هي تشعر بجفاف حلقها...
حضرتك في مشكلة في الأوراق...
نفى ساهر و هو يرفع رأسه من على الأوراق
ليبدأ في تفرس هيئتها...كانت جميلة للغاية
رغم ملابسها البسيطة و خصلات شعرها البنية التي ظهر بعضها من خلف طرحتها التي كانت تضعها. على رأسها باهمال كل الدلائل تشير إلى أن هناك شيئا خاطئا فكيف تكون هذه سارقة لكنه و بحكم مجال عمله تعلم جيدا أن المظاهر خداعة و أن أكبر الفاسدين هم من النخبة و أثرياء البلاد....
حدق بالضمادة التي كانت تغطي ظهر يدها قائلا...
في شخص مقدم بلاغ بيتهمك فيه بالسړقة
عشان كده إنت ممنوعة من السفر.....
تجمدت في مكانها للحظات لكن سرعان ما شعرت
بانقباض قلبها لتسأله رغم صډمتها الشديدة من
هذا الموقف الذي لم تتخيل أن تتعرض له في
حياتها...
ممكن أعرف مين هو
أجابها و هو يرسم إبتسامة مستهزئة على
شفتيه فسؤالها هذا أكد له صحة ظنونه..
الظاهر إنهم كانوا كثير على العموم كلها نص ساعة و حتعرفي مين فيهم...
أعادت سؤالها مرة أخرى غير مبالية بنظرات
الاحتقار التي كانت تراها في عينيه...
لو سمحت قلي بس إسمه إيه
زفر الهواء پغضب و هو ينطق بعصبية...
فريد بيه...ها عرفتيه.. بس ياترى سړقتي
منه إيه
تنهدت بارتياح مؤقت عندما لم يذكر إسم
كابوسها...لكنها مالبثت أن عاد شعور القلق يحتل
كامل جوارحها فهي لا تعرف أي شخص في حياتها
يدعى فريد.. و لماذا يتهمها بالسړقة و كأنها الان
إنتبهت لوقوعها في هذه المشكلة رغم أنها طمئنت
نفسها بأنه على الأرجح تشابه أسماء..
ظلت صامتة تفكر في موعد الطائرة الذي
فاتها و من إمكانية إكتشاف ذلك الشيطان
لخطة هروبها....افاقت من أفكارها على سامر
الذي هب من مكانه و على وجهه إبتسامة
واسعة ليرحب بصديقه قائلا بمرح...
اهلا باللي مش بيفتكرنا غير في المصلحة .
قهقه فريد و هو يصافح صديقه هاتفا...
ما إنت عارف ظروف الشغل.. المهم أخبارك
إيه
توجه به سامر نحو الاريكة ليدعوه للجلوس
قائلا...
انا الحمد لله كويس..و إنت عامل إيه
فريد و هو يجلس...
كله تمام...المهم طمني خلصت كل حاجة.
سامر و هو يدير رأسه نحو يارا التي كانت
تتابعها من بعيد...
أيوا...تقدر تأخذها بس منتظر منك تفسير
عشان مش داخل دماغي إن بتت زي دي قدرت
تخدعك و تسرقك....
ربت فريد على ساقه متمتما بعبارات الشكر...
تمام حبقى أكلمك و أشرحلك كل حاجة بالتفصيل
بس دلوقتي أعذرني عشان مستعجل دلوقتي...
توجه فريد بعدها ليقف أمام يارا يتفحصها
بنظرات غامضة...قائلا بصوت غليظ غظ...
يلا يا آنسة...إتفضلي معايا .
هبت يارا من مكانها قائلة باندفاع و دماغها
يكاد ينفجر من كثرة الضغط...
مش حتحرك من هنا غير لما أفهم إيه اللي
بيحصل هنا...إنت مين و عاوزني اروح معاك
فين
فريد ببرود و هو يحدجها بنظرات متعالية...
حنروح على القسم عشان نكمل تحقيق في
التهمة الموجهة ليكي.
يارا