رواية" هوس من اول نظرة " كامل
الغرفة مضاءا...ففي هذه الحالة لن يستطيع معرفة إن كانت نائمة او مستيقظة فهي من عادتها ترك النور مضاء لأنها لا تستطيع النوم في الظلام....
لكنه ما لبث ان وجدها غارقة بين الأغطية وتغط في نوم عميق....
إتسعت إبتسامته دون شعور منه عندما ظهر له
وجهها الفاتن ليتنهد بارتياح...يكفيه وجودها أمامه
سليمة معافاة لايريد أي شيئ آخر من العالم...
الدموع العالقة بأهدابها المبتلة إضافة إلى
خديها و أرنبة أنفها المحمرة بشدة...
جلس على حافة الفراش ثم أخذ يمسح وجنتيها
الرطبيتين برقة و لطف....تململت سيلين بانزعاج قبل
أن تفتح عينيها الزرقاوتين لتجده أمامها...شهقت
بفرح و تتعلق بعنقه كطفلة صغيرة وجدت والدها
بعد بحث طويل بين الزحام...لټنفجر بعدها في بكاء
أما سيف فلم يصدق ما يحصل الأن و كأنه في
حلم.....ليسحبها برفق نحوه و هو يغمغم بصوت
أجش بكلمات كثيرة بلغة أجنبية لم تفهمها....
أجفلت سيلين بتوتر.. لتهمس بنبرة مړتعبة...سيف...بليز
أبعدي.....سيف....
لكن لا حياة لمن تنادي فحرفيا كان سيف في عالم آخر لم يكن يسمع سوى صدى دقات قلبه المطربة و أنفاسه المتسارعة و كأنه في سباق مع الوقت.
من مكانه دافعا إياه برفق فوق الفراش مبتعدا عنها....
توجه نحو الشرفة ليفتحها پعنف مستقبلا نسمات
شهر أكتوبر المنعشة علها تخفف قليلا من حرارة
جسده و مشاعره التي إستيقظت فجأة من سباتها
قبض على السور الرخامي للشرفة بقوة و هو يلعن
نفسه بداخله عدة مرات ليس من عادته ان يفقد
فهو لا طالما عرف بقدرته الخارقة على الصمود
أمام جميع إغراءات النساء اللتي يقابلهن في حياته
حتى أن البعض تراهن على إيقاعه و قد حاولن
بجميع الطرق لكن دون جدوى...فلماذا الان إنهارت
جميع حصونه و سلمت الراية البيضاء دون
أدنى مقاومة أمامها....
زفر الهواء عدة مرات و هو يبتسم بسخرية هذه
دلف للداخل ليجدها تجلس على حافة السرير
و قد رتبت شعرها و ملابسها التي بعثرتها أصابعه
منذ قليل...تنحنح بخجل ثم جلس بجوارها
ليلمحها بطرف عينيه تتراجع بعيدا عنه...
و هذا ما ازعجه بل و جعل أنفاسه تختنق رغم الهواء الذي كان يعبر رئتيه...يعلم و متأكد أن
يفقد صوابه...ليقبض على مفرش السرير حتى
كاد يمزقه....
...أنا بعتذر....تمتم سيف بصوت متقطع هادئ
عكس ملامح وجهه التي تنذر بالانفجار...
...انا مش متعود إني أعتذر في حياتي لأي
شخص مهما كان غير امي...بس معاكي إنت كل حاجة بتتغير و متسالنيش إزاي او ليه...اراد تغيير
الموضوع بسرعة حتى لا يترك لها المجال للتفكير فيه أكثر...
إستدار نحوها مضيفا بنبرة واثقة...انا كنت جاي
عشان اتكلم معاكي في موضوع جوازنا اللي قرره
جدي...انا كنت متضايق جدا لدرجة إني مقدرتش
اقعد هنا أكثر عشان كده طلعت...انا اصلا كنت مقرر إني آخذ امي و أرجع أعيش في الفيلا بتاعتي و اسيب القصر...
إنت ملكيش ذنب في اللي بيحصل عشان جدي
دايما كده بيتحكم في حياتنا كلنا...شايفة كل
اللي بيعيشوا هنا هو اللي بيقرر مستقبلهم....
دراستهم شغلهم حتى الجواز هو اللي بيقرره...
توقف عن الحديث قليلا و هو يرفع أنظاره
نحوها ليجدها تحدق فيه پصدمة قبل أن تشيح
ببصرها بعيدا عندما إلتقت نظراتهما...أخفى
إبتسامته الخبيثة و هو يكمل بتمثيل بارع
مدعيا الضعف و إستسلامه أمام جده....
...اكيد عاوزة تسألي هو إزاي يقدر يتحكم فينا
كلنا كده...عشان ببساطة كل ثروة آل عزالدين
مكتوبة باسمه...القصر...الشركات...كل العقارات
اللي بنملكها كلها باسمه إلا فيلتي الوحيدة اللي
باسمي عشان كانت هدية من بابا الله يرحمه لما
كان عمري عشر سنين....نامي دلوقتي عشان باين
عليكي تعبانة و انا بكرة الصبح حخلي واحدة
من الشغالين تيجي تلم هدومك....
أخفضت المسكينة رأسها بخجل فهي تشعر
أنها المسؤولة عن لخبطة حياته كما يقال...
أهكذا يكون جزاءه بعد كل ما فعله معها من حركات
نبيلة.
...بس أكيد في حل ثاني...إنتي مش تقدري
تسيبي عيلتك و تروح و كمان شغلك...مش
حيكون في عندك شغل .
هتفت بصوت ناعم و كلمات مبعثرة بلهجتها الخاصة
التي جعلت قلب سيف يذوب حرفيا داخل
قفصه الصدري لينطق دون تفكير...مفيش حل
ثاني غير الجواز....اقصد إننا لازم نسيب القصر
و إلا حنضطر إننا نخضع لقرار جدي...و إذا
كان على الشغل فمتقلقيش أنا حبقى أفتح
مكتب محاماة صغير على قدي كبداية...
صفع نفسه داخليا بندم على ما تفوه به من
حماقات بعد أن شاهد وجهها الذي تهللت اساريره
فجأة و هي تأيده بحماس...صح...اصلا إنت نسيتي
الشنطة اللي إنتي إشترتيها...ثمنها تقدري تجيبي
مكتب كبير هنا.....كانت تتحدث و هي تحرك يديها
كالاطفال مما جعله لا يستطيع حتى أن يرمش
بعينيه حتى لا تغيب عنه و لو للحظة.
تنهد سيف بعد أن شعر بغبائه لأول مرة في حياته
ليشرع في الضحك و هو يدير رأسه يمينا و يسارا
بيأس و هو يتمتم في نفسه...كان يوم اسود
لما فكرت أشتريها....توقف عن الضحك و هو يقف من مكانه قائلا...
متقلقيش أنا حلاقي حل لكل حاجة...يلا إنت نامي دلوقتي عشان الوقت تأخر و إنت أكيد تعبانة...
إقترب منها رغم شعوره بتوترها ليقبل جبينها بلطف ثم غادر
بعد أن تمنى لها ليلة سعيدة .
بعد دقائق كانت سيلين تستلقي على السرير من
جديد و هي تفكر في حل لهذه المشكلة التي
بسببها هو يعاني الان...أكثر شخص ساعدها
رغم عدم معرفته العميقة بها.
يجب أن تساعده في إيجاد الحل المناسب
لقد رأته منذ ساعات و هو يخرج من مكتب
جده لقد كان مظهره مخيفا جدا لأول مرة تراه
و هو غاضب بدا لها كوحش هائج يرفض أسره...
من الواضح أن لديه فتاة يحبها لدرجة جعلته
مستعدا للتخلي عن هذه الرفاهية و الثروة
لأجلها...إبتسمت بحالمية و هي تتخيل نفسها
مكان حبيبته كم هي محظوظة من المفترض أن
تكون مميزة جدا حتى تجعله متمسكا بها لهذه
الدرجة...لن تجعله يخسر حبه بسببها...إن لزم
الأمر سوف تذهب لجدها و تتحدث معه لن يهمها
إن طردها او أهانها بسبب أفعال والدتها كما سمعت تلك المرأتين تتهامسان قبل أن تأخذها إنجي لغرفتها...المهم هو سيف.
في غرفة إنجي....
أغلقت حاسوبها المحمول بعد أن ظلت لساعة كاملة
تحادث إحدى صديقاتها...مطت ذراعيها المتشنجتين
و هي تتذكر فجأة مظهر سيف الغاضب و هو يدفع
أخويها عنه و ېصرخ محاولا عدم الخضوع لأوامر
جده...تمتمت بصوت هامس تحدث نفسها و هي
تزيح الحاسوب من فوقها و تضعه على الجهة
الأخرى من السرير...و انا اللي كنت فاكرة إن
سيف هو الوحيد اللي بيقدر يوقف في وش جدو
و كنت متأملة إنه حيساعدني في يوم من الايام
لو فرض عليا أتجوز واحد انا مش عايزاه....هو حيفضل لحد إمتى بيتحكم فينا كأننا عبيد عنه.
بقيت عيناها مفتوحتان لمدة من الوقت و هي
تتذكر تحكمات جدها و كيف أنها عارضته عندما
دخلت كلية
الإعلام بدلا من إدارة الأعمال كما
كان يريد هو فما كان منه إلا أن حرمها من أخذ
جنيه واحد من والدها أو من عمها...فهذه نقود الشركات و الأعمال التي رفضت أن تدرس و تدخل للعمل فيها لولا هشام إبن عمها الذي أصبح يعطيها
مصروفها كل أسبوع رغم رفضها إلا أنه لم يكن
لديها أي حل آخر لكنه لم يستطع تغيير سيارتها
القديمة بعد أن منعه الجد من ذلك....حتى سقطت
في نوم عميق. في فيلا ماجد عزمي....
صباح اليوم التالي....فتحت يارا أجفانها المتثاقلة
على صوت المنبه المزعج.. كانت الساعة تشير إلى السابعة و النصف صباحا اي مازال هناك وقت حتى تهاتف ذلك الشيطان و تخبره عن ردها النهائي....
تنهدت و هي تشعر بحړقة عيناها المحمرتان من كثرة بكائها ليلة البارحة التي قضتها تفكر في أي حل ينجدها منه لتهتدي اخيرا لحل ما...
أزاحت الغطاء من فوقها لتسير بجسدها المنهك
نحو الحمام....يارا القديمة كان سيغمى عليها لو رأت
مظهرها هكذا في المرآة لكنها الان لم تعد تهتم
بل إبتسمت بخفوت و هي ترى آثار تلك الكدمات
و الچروح قد بدأت تخف و الباقي سوف تتصرف و تخفيه بمساحيق التجميل و الملابس كما تفعل
كل يوم....
بللت يدها السليمة كعادتها ثم مسحت بها وجهها
دون أن تضغط كثيرا على بشرتها ثم وضعت
يدها المحترقة تحت الماء و بدأت تغسل ما ظهر
بلطف...إنتهت لتنشف وجهها و يدها ثم
فتحت خزانة الأدوية لتخرج مرهم الحروق
و مغلفا صغيرا يحتوي على رباط لتضميد
الحروق هي طبعا لا تستطيع ترك يدها مكشوفة
حتى لا يقلق والديها و يسألانها عن سبب
إحتراقها.....
إنتهت بعد وقت قصير ثم خرجت لغرفتها
غيرت ملابسها و رتبت شعرها و لم تنس
مساحيق التجميل التي إستعملتها بكثرة
ثم أخذت حقيبتها و نزلت للأسفل....
وجدت عائلتها مجتمعة على طاولة الطعام
أرادت الخروج ككل صباح دون الإفطار معهم
لكن صوت والدها الذي ناداها للجلوس معهم
خرب جميع مخططاتها....
رسمت إبتسامة مزيفة على وجهها و هي تجلس
مكانها بجانب شقيقها ريان قائلة...صباح النور....
أجابتها ميرفت التي كانت تتفحص ملابسها
الغريبة بعدم إعجاب...صباح الخير يا حبيبتي
بس إيه اللي إنت لابساه داه .
نظر ريان نحو أخته التي كانت ترتدي فستانا
من القماش الثقيل بالازرق الغامق طويل و بأكمام
كاملة و مقفول من ناحية العنق ليهتف بتعجب
...مالها يا مامي...بالعكس شكلك كده أحلى يا يويو.
حدجته ميرفت بملل و هي تضيف باشمئزاز...الدريس شكله كئيب و يخنق...إنت حتطلعي بيه
كده قدام الناس.
يارا بصوت خاڤت على غير عادتها...ايوا يا مامي
اصلي حاسة إني داخلة على دور برد فقلت
أثقل لبس قبل ما أمرض .
...ايوا.....شكلك تعبان يا يارا خليني آخذك للدكتور
انا النهاردة معنديش محاضرات. هتف ريان بقلق
بعد أن لاحظ يدها المضمدة ليكمل...إيه اللي
في إيدك داه رابطاها ليه
يارا بارتباك و هي ترفع يدها المحترقة حتى
تشابكها مع الأخرى لتشعر پألم شديد لكنها حافظت
على إبتسامتها حتى لا تقلق أخيها...لا دي حاجة
بسيطة انا إمبارح جربت hand creame
من عند واحدة من صاحباتي فعملي حساسية
شكلها وحش على إيدي فغطيتها....
أخفضت يدها التي كانت تكاد تنقسم لنصفين
من شدة الألم ثم بسطتها فوق الطاولة بينما
تسمع والدتها تتحدث بلهجة محذرة...الف مرة قلتلك متستعمليش
الحاجات الرخيصة دي عشان بټأذي بشرتك....
يارا...فعلا انا غلطت بس مش حعمل كده
ثاني sure وقفت من مكانها و هي تحمل حقيبتها
الباهضة قائلة...يلا انا طالعة دلوقتي....
تدخل ماجد قائلا بسخرية و هو ينظر لها
پغضب...زي كل يوم طبعا بتطلعي الصبح و بترجعي
آخر النهار ياترى بتعملي إيه كل الوقت داه بره.
...بدور على شغل مش حضرتك كنت عاوزني أشتغل .
أجابته هي تحاول إخفاء إشمئزازها بعد أن تذكرت
ذلك الفيديو الذي يظهر فيه مع تلك الراقصة
رغم أن وجهه لم يكن يظهر كثيرا لكن وجود تلك
المرأة الشبه عاړية بجانبها أشعرها برغبة عارمة
في التقيئ....
مسح طرف شفتيه بالمنديل ثم رماه على الطاولة
و إلتفت نحو زوجته التي كانت مشغولة بتصفح
هاتفها لېصرخ بحدة...دا اللي إنت فالحة فيه....
شوبينغ و سهرات و مقابلات مع شلة الهوانم
اللي مصاحباها إنما عيلتك آخرة إهتماماتك
خليكي كده....لغاية ماتفوقي تلاقي كل حاجة
خربانة فوق دماغك.
تأففت ميرفت و هي تجيبه بملل...إنت مش حتبطل
عادة الزعيق دي عالصبح...
ماجد...داه كل اللي همك زعيقي و صوتي العالي
مشفتيش بنتك اللي بقالها اسبوع مش بنشوفها
غير داخلة خارجة من البيت و الله أعلم بتروح
فين و الراجل اللي مفروض كان حيخطبها من يومين
مجاش و لا تكلم