رواية غرفة كبيرة باحدي السرايات (كاملة جميع الفصول) بقلم نرمين محمود
لسه..بس خلاص كلها شهر ولا حاجة ..هنرجع نعيش مع بعض تاني..
استمعت الي صوت بكاء زهرة ...لم تستطع مواساتها فهي ادري الناس بها ...من المؤكد أنها تذكرت ايام زواجها من ناير...كيف كانت بوقتها ...رغم أنها لم تكن تريده لكن حالها في هذه الأيام كان افضل بكثير مما هي عليه الآن...
_ كل حاجة هترجع زي م كانت واحسن يا زهرة ..صدقيني..انا بعمل علاج طبيعي عشان رجلي وجاب نتيجة...تمارا بدأت تخس وترجع زي الاول..وانت اهو شدي حيلك وخفي ...
هنرجع نعيش مع بعض...من غير اللوا ناصر...
ظلت تتحدث مع اختها لما يقرب الساعة ثم اغلقت الهاتف مع وعد بأن تزورها بالمشفي...
نزلت الي الاسفل عندما اتصلت بها سيلين تطلب منها المجئ فلبت طلبها ...
_ كل ده يا زمزم ..عمو ناصر مستنيكي من بدري ومش راضي ياكل...
_ مطلبتش من حد يستناني يا شيما...تقدري تاكلي ..جوزك جنبك اهو هو وعيلته كلها ...
هنا رفع ناصر رأسه ونظر الي ابنته مباشرة والتي قابلته بابتسامة صفراء قاسېة...
_ م..مين جو..زها!!...
أشارت زمزم الي وقاص الذي لم تكن دهشته اقل من والدها وهتفت...
_ وقاص...وقاص جوزها..بقالهم سنه متجوزين...ادعيلهم بالذريه الصالحه بقي...
تركت والدها في دهشته وسارت نحو الحديقة وهي تضع يدها في جيب سترتها الطويلة حتي بعد ركبتيها وكان صوت والدها الجهوري اخر ما سمعته قبل أن تضع سماعات الهاتف بأذنيها ...
تابع حديثه وهو ينظر إلي اثر ابنته وهو يهتف...
_ انا ماليش مكان هنا...لا انا ولا بنتي ...بنتي تطلق بكرة يا وقاص ...واللي بيني وبين البيت ده اخويا وبنته...
وذهب الي غرفته حتي يلملم اغراضه ويأخذ ابنته ...يعلم أنه أخطأ بحقهم جميعا ..لكنه عاد..عاد حتي يصلح ما اقترفه بحق ثلاثتهم...
انتهي ناصر من جمع اغراضه داخل الحقائب التي اتي بها صاما أذنيه عن توسلات اخيه وابنته حتي يتراجع عن قراره...لكنه لم يستمع له فقط ما يتجسد أمامه معانات زمزم..معانتها حتي أصبحت بهذا الجمود ..
ناصر تقريبا يعاقب أخيه وعائلته بسبب تغير زمزم ..لطالما كانت رقيقه ..تتأثر بالنبرة الضعيفة المنكسرة ...كان مطمئنا لضعفها فهي كارته الرابح والذي سيضغط به علي ابنتيه الاخرتين...ولكن لم يجد ما يريده...فقد أصبحت زمزم مثلهم ...ابتلع غصة مسننة بحلقه وهو يتذكر زوجته الراحلة وهي توصيه علي جواهرها الثمينة...طلبت منه عدم الانشغال عنهم بعمله...لكن ماذا فعل هو!!...
استلمت سيلين دفة الحديث من والدها قائلة بنبرة متوسلة...
_الله يخليك يا عمو اقعد...انا مبطقش اللي برة ديه..انا مش هقدر اقعد من غير زمزم..هي بتحس بيا..
جلس ناصر علي الفراش بتخاذل ..انهكته ذكرياته مع زوجته ..طلباتها ووصيتها التي خيل له أنه اتمها...
_ هقابل امهم ازاي يا قدري!!..هقولها ايه ولا ايه..وهقدر اصلا احط عيني ف عينها...دمرتهم يا قدري ...انا رجعت ..رجعت عشان هطلع ع المعاش كمان سنة..جيت عشان اخد زمزم ووقاص يقعدوا معايا يملوا عليا البيت بعيالهم...انا تعبان ..تعبان وقلبي واجعني...
اقترب منه شقيقه يربت علي كتفه مواسيا واكتفي بالصمت ..فلن يفيد الكلام بعد ما فعله ابنه...فماذا سيحل بأخيه المسكين إذا علم بما تواجهه ابنته علي يد زوجته..ماذا أن علم ان قدميها بدأت تنزلق نحو الخطأ وأنها تكن مشاعر لرجل اخر وهي متزوجة..متزوجة!!!...زمزم ما زالت كما هي ..وقاص لم يقترب منها قط...حتي أنه لم يضعف ويتجه إليها كنوع من تفريغ شحنة ڠضب أو ضعف..
جلست تبكي بنشيج صامت وحار حتي لا ينتبه صغارها لها ويرتعبوا...نظرت من نافذة الغرفة وازداد بكائها عندما رأتها بالسيارة وهو ممسك بيد والدته يساعدها علي السير نحو السيارة...جلست والدته بالسيارة والټفت هو عائدا الي خمسة رجال أقوياء يملي عليهم أوامره بحمايتها هي وأطفاله ..
لم يخطئ وينظر الي النافذة فقد انتهي من إلقاء اوامره وصعد الي السيارة وابتعد ...
أصبحت قولا وفعلا وحيدة..تركها زوجها لأن قلبها لم يخفق له..ما ذنبها هي..
شردت رغما عنها متذكرة بداية دخوله إلى حياتها منذ البداية....
كان هو احد المدعوين لحفل خطبة سيلين فقد استعان به عمها حتي يؤمن الحفل بالمنزل..
نفسي افهم بس ايه لازمتهم البادي جارد دول
قالتها تمارا باستغراب وخوف قليلا..
ابتسمت سيلين هاتفة...
_انتوا ناسيين انتوا ولاد مين يا تمارا ولا ايه.. انتوا ولاد الفريق ناصر النوساني...
ابتسمت زهرة بسخرية هاتفة...
_ومالك بتقوليها وانت مبسوطة كده..
شهقت سيلين بخفة وهتفت بدهشة..
_ بقي حد يبقي عمو ناصر أبوه وميبقاش مبسوط!!!...
نظرت زهرة الي شقيقتها الكبري تمارا وهتفت بصوت ساخر..
_ اللي أيده ف الميه...ها خلصتي ولا ايه ..
_ اه خلصت..
نزلوا جميعهم الي الاسفل بعد أن